الكتابات العفوية على الجدران ،في الأزقة الشعبية تعبر أحيانا عن واقع الشعب،كما تفعل الصحف
ولكن الذي يسحرني حقا هو الكتابة على السيارات
على إحدىالسيارات خطفت انتباهي هذه العبارة :"أصدقاء الشدة قليلون – لا تحزن فالله معنا "
وكانت السيارة صغيرة ومتعبة ،وكان واضحا أنها فقدت دواليبها أكثر من مرة .
وأنها تعثرت في الدرب أكثر من مرة ،ولكنها استطاعت في كل مرة أن تنهض منكبوتها لتتعلم درس الحياة الأول :"أصدقاء الشدة قليلون –لا تحزن......."
هل نملكإلا أن نحزن ؟هل بيننا من لا تمثله تلك السيارة الصغيرة ،التي ركضت أمام عيني ذاتصباح ماطر وكنت أرقبها كما يرقب إنسان نفسه في المرآة ؟...
كنت في ما مضىأودع سفينة العام السابق الغارقة بتذكر قول أفلاطون :
"لا تشغل فكرك بما في ذهبمنك ،واحفظ ما تبقى منك "
وكنت دوما أغضب لهذه الحكمة ،إذ كيف أحفظ ما تبقى منيإذا كان ما ذهب مني هو القلب ؟!
فحين يفقد الإنسان شيئا هاما ،لا يملك إلااستعادته لأجل أن يحفظ ما تبقى منه!!
وهذا العام ،تبخر أفلاطون من رأسي ،وظلتتلك الحكمة تلح على صدري "أصدقاء الشدة قليلون – لا تحزن "
استحضروا معيأيام شدتكم (هل بينكم من لم يمر بها )وأحصوا أصدقاء الشدة – إن وجدوا !!!-وأحصواخناجر الأصدقاء المتلهفة للانقضاض لحطة تسقطون ...وأتمنى أن يكون عاما بلا سقوط ........
واذا كان بينكم من هو حائر في أمر الكتابة على سياراتكم ،فأنا أقترحهذا الشعار:
"أنا سعيد ،فيوم سقطت ،لم يطعني صديقي"!
من زمان كان المثليقول :"الصديق وقت الضيق "،وفي هذا الزمن يصح تعديله ليصير
"الصديق من كفاك شرهوقت الضيق "!
من كتاب
ختـم الـذاكـرة بالشمع الأحـمر
غادة السمان